شرح مفصل لكل ما يهم محرري الفيديو وصناع الأفلام عند التصوير بصيغة Log
أصبح اليوم بإمكان اي مصور التقاط صور ذات طابع احترافي وذلك باستخدام كاميرات الفيديو التي تعتمد على التصوير بصيغة Log وذلك بعد التقدم التكنولوجي ذو الوتيرة السريعة في عالم الكاميرات.
كانت هذه التقنيات سابقاً مخصصة للمشاريع ذات الميزانيات الكبيرة ولكن منذ اصبحت متوفرة على الكاميرات الشبه الاحترافية اصبح من الصعب على العين التمييز بين كاميرا بسعر 1000 دولار او كاميرا اخرى بسعر يصل الى 100 الف دولار.
على سبيل المثال، كانت عدسات الانامورفيك في السابق باهظة الثمن ومكلفة للغاية أما الآن فهي متوفرة وبكثرة وباسعار متفاوتة، أما عن أعجوبة الكمبيوتر (الكروما) فقد كان مخصصًا لعلامات تجارية معينة مثل (Industrial (Light and Magic أو (Wētā Workshop) أما اليوم فهو متاح لأي شخص يمتلك هاتفًا محمولًا أو جهازًا لوحيًا.
بل وأكثر من ذلك، حيث تعد اليوم العديد من مجموعات التأثيرات والمؤثرات المرئية مجانية الاستخدام، وهي تعطي للمبدعين المستقلين والفرق الصغيرة القدرة على إنتاج محتوى لم يكن من الممكن تصوره قبل عقد واحد من الزمن.
وأعتقد أنك قد قست ذلك على الكاميرات التي نستخدمها حاليًا، فكاميرات الحركة مثلًا – GoPro وInsta360- تسمح بالتقاط لقطات لم تكن ممكنة من قبل، حتى أنّ كل شخص منّا تقريبًا يمتلك جهازًا يستطيع بواسطته تصوير فيديو جيد بدرجة كافية تجعل من الحاجة الى الكاميرا الاحترافية رفاهية.
المنحنى اللوغاريتمي والتصوير بصيغة Log
ليس غريبًا أن ما يميّز جهاز (iPhone 15 Pro Max) هي الكاميرا المتطورة التي تمتلك العديد من المواصفات الرائعة، بحيث يمكنك أن تتوقع منها على سبيل المثال فيديو بدقة (4K HDR)، وتثبيت ممتاز للصورة، إلا أنّ الميزة البارزة فيها هي قدرتها على التصوير بصيغة Log، وهي الأولى من نوعها في عالم الهواتف الذكية.
وإن كنت جديدًا على عالم الفيديو قد لا تكون تعرفت إلى مصطلح “log curve” بعد، وهو في الواقع اختصار لـ “logarithmic curve”؛ أي المنحنى اللوغاريتمي وهو عبارة عن طريقة خاصة يمكن من خلالها تشفير البيانات التي يلتقطها المستشعر للحفاظ على أكبر قدر من النطاق الديناميكي قدر الامكان وهو ما يعرف بصيغة Log.
ما هو القطع Clipping؟
لمعرفة أهمية المنحنى الديناميكي لا بد من تسليط الضوء على الشيء الذي يحاول المنحنى تجنّبه، وهو في المقام الأول الـ clipping؛ حيث يحدث القطع عندما يطلب من كاميرا أو شاشة أو حتى برنامج التعامل مع صورة أو عرضها بدرجة لون أو سطوع خارجة عن نطاقها.
وبالنسبة للكاميرا مثلًا، يمكن لكل بكسل فردي على المستشعر الإبلاغ عن القدر الكبير من الضوء الذي يصب إليه قبل أن يتشبع ويبلغ قيمته القصوى أو القدر القليل جدًا من الضوء الذي يصل إليه ويكون أدنى من عتبة الكشف الخاصة به فيبلغ بعدم وجود الإشارة.
والأمر الأهم يكمن في أنّ أي تباين أو لون قد يتواجد في المناطق المقطوعة يختفي ويصبح غير قابلًا للاسترداد، وذلك يعود إلى أن سحب اللون الأبيض لأسفل ورفع اللون الأسود يجعلك أقرب للون الرمادي المتوسط.
تعريف النطاق الديناميكي
يعرف النطاق الديناميكي بأنّه مقياس لكمية المعلومات التي من الممكن أن تخزّن في صورة أو مقطع فيديو بدون قطع Clipping، وبشكل أكثر تحديد يمكن القول بأنّه الفرق في مدى قتامة المناطق الأكثر قتامة ومدى سطوع المناطق الأكثر سطوعًا.
يشكل النطاق الديناميكي عنصرًا حاسمًا في الجودة الملموسة للصورة التي تعد إحدى المواصفات التي يروج لها كثير من مصنّعي الكاميرات كمؤشر لنظام احترافي، ويقاس عادةً بعدد توقفات الضوء التي قد يستغرقها الحصول عليها من أحد طرفي المقياس.
فمثلًا، إذا أخذنا كاميرا (Arri Alexa 35) التي تُعتبر من قبل العديد من الأشخاص المعيار الذهبي الحالي لكاميرات السينما والمقياس الذي يمكن التحكم عبره على باقي الكاميرات، نجد أنّها تتمتع بنظام ديناميكي هائل يبلغ 17 نقطة توقف، مما يعني أنّ بإمكان المخرج أو المصور السينمائي إخراج لقطات رائعة باستخدامها كالصورة الموجودة في الأسفل.
على الرغم من أنّ الصورة المأخوذة من لقطات (Alexa) تبدو رائعة بالفعل، إلا أنّ رؤية المناطق الأكثر سطوعًا وتلك الأكثر قتامةً قد فقدت تفاصيلها بسبب القطع!.
وفي المقابل، يمكن لشاشة النطاق الديناميكي القياسي (SDR) عرض حوالي 8 نقاط توقف من النطاق الديناميكي فحسب، وهذا يعني أن التخلص من أي بيانات خارج تلك الحدود وإظهارها باللون الأسود النقي أو الأبيض النقي أمر ضروري، لكن هذا لا يعني أن ملف المصدر نفسه يخضع لنفس الحدود.
عند الحديث عن كاميرا ارري Alexa 35 يمكننا القول أنه وبفضل النطاق الديناميكي الواسع فيها يستطيع الملون السينمائي العمل ضمن نطاق كبير عندما يتعلق الأمر بدفع الصورة وسحبها، ويبقى متدرجًا في إعطاء المزيد من التفاصيل في المناطق الداكنة التي يمكن رؤيتها في التفاصيل الواضحة داخل قناع الغواص وعلى ملابسه في الصورة أعلاه.
الحل الوسط الذي تمّ التوصل إليه هو أن الأضواء الساطعة الموجودة في خوذة الغواص من الأمام تتشابك وتفقد التفاصيل، بسبب الالتزام بنطاق 8 وقفات لشاشة SDR.
في الصورة السابقة، اختار الملون السينمائي أن يسير في الاتجاه الآخر، ويحافظ على المناطق الأكثر سطوعً، في حين تبقى بقية الصورة مظلمة جدًا، ولكن حتى الأجزاء الأكثر سطوعًا من الأضواء حافظت على لونها البرتقالي الحقيقي بدلًا من أن يتم قصها إلى اللون الأبيض.
إذا كنا قادرين على مشاهدة ذلك على شاشة ذات نطاق ديناميكي أعلى، وتم تدريج الصورة الثابتة لأخذ ذلك في عين الاعتبار، فإننا سنكون قادرين على رؤية تفاصيل جيدة في كل من الظلال والمناطق البارزة.
علاقة المنحنى اللوغاريتمي بالقطع والنطاق الديناميكي
كما ذُكر آنفًا، يعد المنحنى اللوغاريتمي طريقة خاصة لتعيين سطوع الصورة؛ بحيث يصبح بالإمكان التقاط المزيد من التفاصيل في الأجزاء الأكثر سطوعًا والأكثر قتامة من الصورة.
من الرسم البياني في الصورة السابقة يمكنك أن تجد تمثيلًا رياضيًا للطريقة التي يقوم بها ملف تعريف (Arri LogC) بتشفير المعلومات من مستشعر الكاميرا. ومنه ترى أنّ الكاميرا تعمل بشكل فعال على التقليل من التباين في الجزء السفلي من نطاق “الإشارة” أو السطوع مع استخدام المنحنى اللوغاريتمي، والشيء نفسه بالنسبة إلى الجزء العلوي.
وبناء على ذلك، من المتوقع رؤية صورة رمادية وباهتة بشكل كبير، وهذا ما يمكن رؤيته بالضبط عند عرض صورة لوج من الكاميرا بشكل مباشر، وبما أنّ ارري Alexa 35 باهظة الثمن، فإن Nikon Z9 الأقل سعرًا لديه القدرة على التقاط صورة (N-log)، وعلى الرغم من أن الاسم والمواصفات الدقيقة تختلف بين الشركات المصنعة بشكل كبير، إلا أن الآلية تتشابه إلى حد كبير.
من الصورة السابقة، نجد أنّه لا يزال هناك قدرًا لا يمكن تجاهله من التباين في الدرجات اللونية الوسطى للصورة، إلا أنّ السماء والظلال أقل تحديدًا وتتجه إلى الرمادي بشكل كبير.
إنّ المنحنى اللوغاريتمي يمثل عملية حسابية معقدة، لكن كل ما يتوجب فعله هو تطبيق ملف Lut في برنامج المونتاج لعكس العملية الرياضية بشكل فعال، يجب أن يكون لدى كل مصنع “LUT” رسمي لأي نوع من لوغاريتمات الفيديو التي تستخدمها الكاميرا الخاصة به.
لدى Canon نوعين مختلفين من C-Log، نفس الشيء بالنسبة إلى سوني و S-Log، ونفس الشيء بالنسبة إلى فوجي فيلم وF-log. حتى كاميرا GoPro Hero 12 Black الجديدة يمكنها التصوير في GP-Log، وهو أمر رائع للاستخدام مع الطائرة بدون طيار أو في الإضاءة المختلطة التي نواجهها عادةً.
ألا تبدو الصورة السابقة أفضل بشكل واضح؟ في الحقيقة المأخذ الوحيد على الصورة السابقة هو أن السحب المتواجدة في الخلفية تبدو منتفخة قليلًا بعد استخدام ملف LUT، ولأن التسجيل كان على “N-Log” فإنّ التفاصيل بقيت موجودة، كما يمكن استخدام أدوات تصنيف (HDR) في DaVinci Resolve لاظهارها من غير إحداث تأثير كبير على بقية الصورة.
أخطاء شائعة عندالتصوير بصيغة Log
إذا كنت تصور باستخدام صيغة Log، فمن المحتمل أنك تعمل بمستوىً عالٍ بما يكفي لكي تتكفل بمهمة تصحيح وتدريج الألوان، أما إذا كنت من الأشخاص الذين يصورون مدونات فيديو باستخدام كاميرا واحدة أو هاتف، ويكتفون بقصها للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي فإن ذلك لا يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة إليك.
تحتاج الكاميرات المتطورة المصممة لتصوير الفيديو الأكثر تقدمًا عادةً إلى القليل من المساعدة في ترجمة صورها إلى لقطات تظهر بشكل جيّد على شاشة معينة، مع جاما ومساحة الألوان الصحيحة.
كما يشتهر برنامج DaVinci Resolve بمنهج إدارة الألوان، وبالمختصر يمكن القول إن التحقق الجيد من ترجمة اللقطات بشكل صحيح إلى إعدادات الإخراج المرادة أمر ضروري، وممّا يجدر ذكره أنّ (709/Gamma 2.4) شائع جدًا بين الملونين لكن لا بد من إجراء بحث يتعلّق بالمواصفات لكل مشروع.
الخلاصة
التصوير بصيغة Log تقنية تنتج صورًا أكثر جمالاً وطبيعيةً وهي دليل على أنّنا نعيش في عصر ذهبي من الإبداع، فقد أصبحت الأدوات الاحترافية في متناول اليد من خلال استخدام أجهزة مثل (iPhone) أو (GoPro)، لكن لا بد من معرفة أفضل السبل لاستخدامها بما يحقق الفائدة ويخدم الإبداع، وعليك أن تعرف أن التجربة والخطأ هي مفتاح النجاح، ولا يمكنك أن تعرف حدودك إلا من خلال اختبارها.