إن سرد قصة تسير بخطى مستقيمة أمر صعب بما فيه الكفاية على اي كاتب فما بالك بسرد قصة يسير إطارها الزمني ذهابًا وإيابًا؟ كيف يمكنك الحفاظ على تركيز الجمهور وتطوير الأحداث وحتى تتبع الموضوع الرئيسي؟ تسمى مثل هذه النصوص السينمائية بـ “السرد غير الخطي” وهي موجودة في كل من الأفلام والتلفزيون.
اليوم في هذه المقالة سنتناول سرد القصص غير الخطية وسنلقي نظرة على الأمثلة والتعريف، وأيضًا سنتحدث عن استخدامها في استراتيجية الكتابة للمستقبل.
ما هو السرد غير الخطي؟
يعرف السرد الغير خطي على أنه تقنية سردية تُروى فيها الأحداث خارج التسلسل الزمني المعتاد أو الترتيب المنطقي للقصة، ويتطلب هذا الأسلوب انتقالًا وتنقلًا بين الأحداث المختلفة بدلًا من اتباع مسار خطي متسلسل، كما يُطلق على السرد غير الخطي أيضًا اسم السرد غير المترابط أو السرد المضطرب.
لماذا نستخدم نمط سرد غير خطي؟
في معظم الأحيان لا نلجأ إلى نمط السرد غير الخطي منذ البداية، عادةً نقوم برسم مخطط تفصيلي أو استخدام قائمة بالأحداث الرئيسية لتقسيم القصص، ولكن إذا شعرنا أن تطور الشخصيات غير كافٍ أو أن القصة تبدو مملة، فحينها نحاول تغيير ذلك وتحريك المشاهد المختلفة في أماكنها.
هناك أوقات أخرى نسعى فيها لاستخدام هذا الأسلوب عمدًا في بعض الأحيان نرغب في كتابة شيء أنيق، وربما قصة تقفز عبر الزمن أو تحتوي على لقطات جانبية وربما حتى ندمج كل هذه الأشياء معًا، وتعتبر القصص غير الخطية أيضًا طرقًا رائعة للفت الانتباه، حيث يمكن أن تكون بحد ذاتها عوامل جذب للقراء.
على سبيل المثال يمكن سرد القصص بطريقة عكسية، أو من خلال وجهات نظر متباينة متقاربة مع بعضها البعض، إن هذه كلها كلمات رنانة ومؤثرة، لذا دعونا نلقي نظرة على بعض الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تستخدم سرد القصص غير الخطي لصالحها.
أمثلة على السرد غير الخطي
في التلفزيون
ربما يُعد التلفزيون الوسيلة الأفضل لهذا النوع من القصص؛ لأنه يتيح لنا استخدام حلقات كاملة للرجوع إلى الوراء (فلاش باك) ووضع مقاطع كوميدية قصيرة والتنقل بين المواسم المختلفة.
إن من أفضل البرامج التلفزيونية التي استخدمت هذا النوع من السرد على الإطلاق هو مسلسل Lost (لوست), حيث يضم استرجاعًا للأحداث المستقبلية والماضية وحتى أحداث جانبية وربما حتى عبر الأبعاد المختلفة.
لقد كان العرض رائعاً للغاية؛ لأنه جلب سرد القصص غير الخطي إلى وقت الذروة التلفزيونية، وقد استخدم هذا الأسلوب في السرد لخداع الجمهور وجعلهم يصدقون أشياء معينة عن الشخصيات، ثم قلب تلك التوقعات من خلال القفز عبر الزمن.
في الأفلام
يمكن أن تكون الأفلام صعبة عندما يتعلق الأمر بسرد القصص غير الخطية حيث يحتوي سيناريو الفيلم على ما يقارب 90-120 صفحة فقط ليكون صحيحًا، لذلك لا بد من التأكد من أن القصة جذابة حقًا؛ فبالرغم من أنك تود اغتنام الفرص إلا أنه يجب الحرص على أن تكون الأمور صحيحة وتسير على ما يرام.
على سبيل المثال إن أفلام مثل فيلم “Out of Sight” تقسم السرد بين بطلين وتقفز في الوقت المناسب في قصتيهما فهو يبدو سلسًا وفيه استرسال، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فيلم “The Godfather” وهو أحد أشهر الأفلام السينمائية فهو أيضًا فيه قفز في السرد بين القصص؛ حيث يبدأ الفيلم برؤية فيتو وهو يهاجر ومن ثم تنتقل الأحداث إلى قصة مايكل ثم تعود إلى فيتو وهو يكبر ويصبح العراب.
نصائح حول السرد غير الخطي
إذا كنت ترغب في أن تكتب قصص غير خطية، فإن هناك 3 أشياء يجب أن تتذكرها، ألا وهي:
- حافظ على أن تكون قصتك منظمة: حيث أنه من المهم جدًا أن يفهم الجمهور ما هو الجزء الرئيسي من القصة، فإذا كنت لا تستخدم ذكريات الماضي وعوضًا عن ذلك تتنقل بالأحداث عبر الزمان والمكان فهنا لا بد من إعادة النظر والاهتمام في تنظيم القصة.
- تحديد التنقلات عبر الصفحة بوضوح: لا يكفي استخدام INT وEXT فقط؛ أي (مشهد داخلي ومشهد خارجي)، تحتاج إلى تحديد الفلاش باك والتنقلات عبر الزمن ومكان ووقت وجودنا بوضوح، حتى في المشاهد الجانبية القصيرة، يجب أن تدرس أكبر عدد ممكن من سيناريوهات الأفلام الاحترافية؛ لكي تتعرف على كيفية قيام العظماء بذلك.
- ربط السرد موضوعيًا: والقصد أنه يجب أن تترابط القصص أو المشاهد فيما بينها بشكل وثيق، فإذا تمّ كتابتها معًا بنفس الموضوع فحينها لن تكون القصة تبدو وكأنها غير مترابطة مع المشاهد، حيث إن التطابق في كتابة السيناريو مهم جدًا.
الخلاصة
يعد السرد غير الخطي تقنية سردية تروى فيها الأحداث خارج التسلسل الزمني المعتاد، مما يخلق قصة أكثر تعقيدًا وتفاعلية، ويمكن استخدام هذه التقنية في كل من الأفلام والبرامج التلفزيونية، كما هو الحال في مسلسل Lost وفيلم The Godfather، وفي حال كنت ترغب في كتابة قصص بسرد غير خطي فمن المهم أن تحافظ على تنظيم قصتك، وتحدد التنقلات عبر الصفحة بوضوح، وتربط السرد موضوعيًا، فمن خلال هذه النصائح يمكنك إنشاء قصة غير خطية جذابة وفعالة.
