سينمامراجعات وتقارير

الفيلم الأردني ” ذيب ” حكاية نجاة في الصحراء بأكثر من طريقة

يضيع الابن الأصغر لشيخ في الصحراء في العصر العثماني في هذه الدراما للمخرج بريطاني المولد “ناجي أبو نوار“، صبي بدوي صغير اضطر لأن يكبر سريعًا لو أراد النجاة بمفرده تقريبًا عام 1916 في الصحراء العربية في “ذيب”، الفيلم الطويل الأول لصانع الأفلام الذي وُلد في بريطانيا، والمقيم في الأردن ناجي أبو نوار. وبالرغم من أن البطل الصغير لا يغيب عن نظرنا أبدًا، إلا أن رؤية الفيلم ذيب  ليست محدودة على الإطلاق، حيث أن المواجهات العديدة في الصحراء تعرض صورة شديدة الحيوية لعالم لم يتغير على مر قرون، ولكنه ينهار سريعًا. صُور جزء من الفيلم في وادي رم حيث صُوّر فيلم لورانس العرب“، وهذا الإنتاج الرائع بالرغم من ميزانيته المتواضعة وحد نفسه في تقاطع طرق مع مغامرة طفل ودراما اجتماعية-سياسية-تاريخية، يجب أن تمنح أقسام التسويق لدى الموزعين الشجعان فرص غير متوقعة وصداع أكيد!

ذيب

إن ذيب (جاسر عيد، اكتشاف حقيقي)، هو ثالث وأصغر ابن شيخ متوفى حديثًا، ولقد رباه أخوه لأكبر حسين (حسين سلامة، وهو ابن عم عيد في الحقيقة)، الأكبر منه مباشرة. تبدأ القصة حينما يظهر شخص يعمل كدليل في الصحراء (مارجي عودة) بمصاحبة الجندي الإنجليزي (جاك فوكس، الممثل المحترف الوحيد في الفيلم)، على أعتاب معسكر للعشيرة، . إن قواعد الضيافة البدوية تجبر العائلة على إرسال شخص مع الرجلين إلى وجهتهم..وهي بئر من العصر الروماني أصبح مهجور لأن طريق الناس والبضائع الذي كان يخدمه هُجر هو الآخر منذ إدخال خط سكة حديد عبر الصحراء.

أُعطي حسين الشرف المشكوك فيه بمصاحبة الرجال عبر بعض المناطق الصحراوية الخطرة، والتي مع غياب مرر القوافل المنتظمة، أصبحت منطقة بلا قانون يسكنها القتلة من البدو، والمرتزقة، والمسلحين. إن ذيب الذي لا يعي أي من هذا لا يُريد ببساطة أن يتركه أخوه الأكبر ويرحل، ويتبع الرجال الذين يركبوا الجِمال على حماره وحينما يُكتشف بعد مسيرة يوم كامل، يُجبر الصبي على مصاحبة الرجال إلى وجهتهم.

عندما يظهر خيّالة متشحين بالسواد في الأفق، يصبح الأمر مخيف ومثير في نفس الوقت، يُذاع الفيلم مبدئيًا كفيلم مغامرة كما نراها عبر عيون طفل، ولكن بشكل أسرع كثيرًا مما يريد. يتعلم ذيب عن الحكمة والتشاؤم والمخاطر الحقيقية جدًا في الصحراء، والتي سيكون عليه مواجهتها بشجاعة قريبًا وبمفرده تمامًا. ومن خلال مواجهته بالصدفة لشخصيات مختلفة، تظهر صورة عن العالم البدوي الذي يستمر كما لو أن شيئًا لم يتغير، ولكنه دخل بشكل غير حكيم في العصر الحديث، عصر اللاعودة.

فيلم ذيب

 بالرغم من أن الفيلم يظل قريب من منظور الشخصية البريئة ولكن واسعة الحيلة “ذيب“، إلا أن الجمهور البالغ لن يجد أي مشكلة في التقاط كل مظاهر التغير التي تظهر في الفيلم، بما في ذلك طريقة السكة الحديدية، والذي جعل القوافل البدوية غير مهمة، والوجود المسلح للقوى الأوروبية، والثوار العرب، والقوات العثمانية، والتي ستنتهي نقاط قوتها وضعفها بشكل جذري يغير المشهد السياسي في الشرق الأوسط في السنوات التالية.

  إن الكاتب-المخرج، الذي كتب سيناريو مبسط مثير للإعجاب مع باسل غندور (وهو أحد منتجي الفيلم أيضًا)، أبقى الطاقم صغير جدًا، وسمح لذيب بالتفاعل مع حفنة من الناس فقط طوال الفيلم، وهذا يشمل الشخصية المشبوهة (حسن موتلاج)، والذي ظهر لأول مرة بالقرب من البئر وهناك قوس على ظهره. ولكن الفكرة التي يتعامل معها ذيب ليست أقل عظمة البقاء أو النجاة، النجاة على المستوى الفردي للبطل، ولكن أيضًا نجاة ثقافة وطريقة حرية. يعالج المخرج بشكل مثير للإعجاب كلتا الفكرتين في نفس الوقت بدون عمل مقارنات بشكل مفرط، ويكبّر أكثر العلاقات والتصرفات الصغيرة من خلال جعل القصة تُحكى على واحدة من أعظم الخلفيات في العالم.

تصوير ذيب 

إن التصوير السينمائي الممتاز الذي قام به Wolfgang Thaler (الذي صور العديد من أفلام Michael Glawogger الوثائقية العالمية وكذلك ثلاثية Paradise لـ Seidle)، لم يكن مهتم كثيرًا بالمناظر الطبيعية الجميلة، وإنما بكيف يمكن أن تساعد في الإيحاء بحالات عاطفية ورفع الصراعات، وتسريع نضج الصغير ذيب إلى مستوى أعلى. أما موسيقي Jerry Lane  فقد كانت مضبوطة كذلك مع المادة، وتندمج مع القصير بشكل مقبول حيث إن العزف الوتري المنفرد الذي يشبه الحداد حينما يكرس ذيب نفسه لمهمة مريعة تتضمن الرمال والحجارة تطاردك لأنها تبدو كاشفة جدًا.

شركات الإنتاج: بيت الشوارب، Noor Pictures.
الطاقم: جاسر عيد، حسن موتلاج، حسين سلامة، مرجي عودة، جاك فوكس.
المخرج: ناجي أبو نوار.
السيناريو: ناجي أبو نوار، باسل غندور.
المنتجون: باسل غندور، روبرت ليود.
المخرج التنفيذي: نادين طوقان.
المنتجون المساعدون: ناصر كالجي، ليث مجالي.
مدير التصوير الفوتوغرافي: Wolfgang Thaler 
مصمم الإنتاج: Anna Lavelle
مصمم الأزياء: جميلة علاء الدين.
محرر الفيديو: Rupert Lloyd.
الموسيقى: Jerry Lane.
المبيعات: Fortissimo.

يذكر أن الفيلم فاز بعدة جوائز عالمية أولها في مهرجان البندقية
و اخرها في Bafta بالاضافة الى العديد من المهرجانات المهمة الاخرى ,
لكن أهم انجاز تحقق للفيلم وللسينما العربية والاردنية
بترشحه لجائزة الأوسكار لعام 2016 عن فئة أفضل فيلم اجنبي,

هل شاهدت الفيلم عزيزي القارىء, شاركنا برأيك في خانة التعليقات.

اظهر المزيد

Ahmad Nassar

مؤسس موقع مدرسة الإبداع العربية ... مصور وصانع افلام مستقل، يهمني نشر الثقافة والوعي بأهمية الفنون البصرية والعمل على توفير محتوى تعليمي مجاني في احد اصعب المجالات واكثرها كلفة وحصرية في عالمنا العربي...

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights