كواليس مسلسل A Real Bug’s Life … تقنيات تصوير فائقة الدقة!
صدر مسلسل A Real Bug’s Life ليسلط الضوء مجددًا على عالم الأفلام الوثائقية وهو يقدم معلومات علمية عن أنواع مختلفة من الحشرات وسلوكياتها المثيرة للاهتمام وتفاعلها مع بعضها ومع البيئة المحيطة بها بطريقة مبهرة.
بعد مرور أكثر من 25 عامًا على عرض الفيلم المميز “A Bug’s Life” عادت ديزني إلى عالم الحشرات لاستلهام أفكار جديدة فقدمت سلسلة الأفلام الوثائقية الجديدة مغامرات حيّة مذهلة في تسعة عوالم مصغرة مختلفة.
الإعلان الرسمي لمسلسل A Real Bug’s Life
الاستعدادات لتصوير المسلسل
في الصورة يظهر مدير التصوير “أليكس جونز” وهو يصور جيش النمل وخنفساء الفيل في كوستاريكا لحلقة “Welcome to the Jungle”.
كما أن ناثان سمول -أحد مديري التصوير الفوتوغرافي للمسلسل- كان قد قام بتصوير جزء كبير من حلقتي “The Big City” و”The Busy Farm” اللتان تعرِضان انواع معينة من الحشرات الزاحفة والنحل الطنان، وخنافس الدودل، وغيرها.
توضح هذه الصورة استعدادات مروض الحيوانات “تيم كوكريل” لتصوير إحدى حلقات السلسلة وتُظهر الصورة تركيزه على تهيئة بيئة مناسبة للتصوير مع الحرص على سلامة الحشرات.
مسلسل A Real Bug’s Life من منظور فوتوغرافي
من منظور التصوير الفوتوغرافي، هناك الكثير مما يدعو للتشويق والحماس في سلسلة A Real Bug’s Life فقد استخدم المسلسل إنجازات تقنية مذهلة في مجال التصوير المجهري، الأمر الذي أتاح التقاط مشاهد لم يسبق لها مثيل في عالم الحشرات.
تسمح معدات التحكم بالحركة بتصوير لقطات سلسة ودقيقة بشكل استثنائي على نطاق الحشرة الصغيرة، وبفضل التحكم الحاسوبي يمكن التخطيط للمشاهد المعقدة وتنفيذها بدقة، الأمر الذي يتيح إظهار تفاصيل لم يكن من الممكن رؤيتها مسبقًا.
تتيح تقنية القياس التصويري الجديدة وتقنيات تجميع التركيز البؤري المحسنة للمبدعين عرض العالم المجهري بتفاصيل واضحة بشكل ملحوظ – أفضل بكثير من استخدام لقطة واحدة من عدسة واحدة فقط.
كما شهدنا ظهور عدسات ماكرو الاستكشافية (Macro Probe Lenses) في السنوات الأخيرة، وقد تم استخدامها بكثافة في هذا المسلسل أيضًا، ما أتاح زوايا واسعة النطاق مع منظور قريب للغاية.
تظهر الصورة بأن المنتج المساعد إيوان سميث يقوم برفقة راعي الحيوانات تيم كوكيريل، ومدير التصوير روب هولينجورث بتصوير فرس النبي أثناء تصوير حلقة “The Big City”.
أهمية فهم سلوك الحيوان عند تصوير الحياة البرية
عند التخطيط لالتقاط مشاهد معقدة للحيوانات المتحركة، وخاصة عند تصويرها عن قرب (تصوير الماكرو) يصبح فهم سلوكيات هذه الحيوانات أمرًا شديد الأهمية.
وقد صرح ناثان سمول في لقاء له بأنه يشعر بمنتهى الامتنان للتعاون مع مجموعة من أبرز علماء الحشرات والباحثين في العالم خلال تصوير مسلسل A Real Bug’s Life كاملًا.
كما تحدّث أيضًا عن العملية الإبداعية وراء إنتاج حلقات مسلسل A Real Bug’s Life، فقد كانوا يحاولون دائمًا تحديد القصص التي يريدون عرضها في كل حلقة، والتي تكون غالبًا قصصًا يمكن للناس الارتباط بها؛ فقد كانوا يرون فيها قصصًا عن الأمومة أو إيجاد منزل أو قصص عالمية بأمل أن تحدث تأثيرًا في الناس.
بالإضافة إلى أنّ تنسيق العمل كان يتمّ جنبًا إلى جنب مع علماء الحشرات الذين كانوا يوضحون ما يمكن عرضه لتمثيل القصص، والكيفية الممكنة لتصويرها بطريقة تجعلها مرتبطة بأذهان الناس، في الصورة هذه يتم عرض عثة الصقر الطنان وهي تقف على لحاء شجرة.
أهمية تكنولوجيا التصوير في مسلسل A Real Bug’s Life
وضح ناثان سمول بأن مسلسل A Real Bug’s Life اعتمد بشكل كبير على الابتكارات التقنية الحديثة التي جعلته يتميّز عن الأفلام الوثائقية الأخرى، خاصة تلك المتعلّقة بعدسات الماكرو وتكنولوجيا التحكم بالحركة التي تسمح بتصوير لقطات رائعة.
عدسات الماكرو
أخبر سمول عن ظهور موجة جديدة من العدسات في السوق خلال السنوات القليلة السابقة لإنتاج المسلسل، الأمر الذي ساعدهم على تصوير أشياء بطرق لم تصُوّر بها من قبل على الإطلاق بحد تعبيره، وتُسمى إحدى هذه العدسات “Probe Lense”؛ أي عدسات المسبار وهي عبارة عن عدسات أنبوبية طويلة ورفيعة ذات مظهر غريب، تسمح لك بالاقتراب كثيرًا جدًا من الأشياء الدقيقة.
تُظهر الصورة السابقة خبير التعامل مع الحيوانات (تيم كوكرِيل) وهو يوظف مهاراته في التعامل مع (فرس النبي) أمام الكاميرا خلال تصوير حلقة “The Big City”.
وعلى عكس عدسات الماكرو التقليدية التي تتراوح قياساتها بين 60 مم أو 105مم أو 200 مم، وتقدم تكوينًا ضيقًا بمعدل تكبير 1: 1، تتميز عدسات المسبار “Probe Lenses” بأطوال بؤرة واسعة تبلغ 25 مم، الأمر الذي يتيح منظورًا مختلفًا تمامًا.
فضلًا عن ذلك، فهي تسمح بالاقتراب الشديد من الأجسام الصغيرة جدًا مع إظهار السياق الذي تتواجد أو محيطها، مما يضفي منظورًا جديدًا ومميزًا على اللقطات.
في الصورة أعلاه يظهر فريق التصوير حالة استعداده لتوثيق خروج عثة صقر الفيل من شرنقتها في استوديوهات فارم في بريستول بالمملكة المتحدة، وذلك خلال تصوير حلقة “The Busy Farm”. كما يظهر في الصورة، تم تجهيز المكان بتقليد واقعي وُضع فيه عمود سياج حقيقي لتظهر عثة صقر الفيل في حالة شرنقتها تمامًا كما تكون في الطبيعة.
تقنية التحكم بالحركة
استُخدمت تكنولوجيا التحكم في الحركة أيضًا خلال تصوير مسلسل A Real Bug’s Life. ربما تكون قد شاهدت الصورة الكلاسيكية لمخرج أفلام الحياة البرية وهو يحمل حاملًا ثلاثيًا كبيرًا وعدسة طويلة للغاية، لكن الأمر في الحقيقة كان مختلفًا تمامًا! لقد استخدم فريق عمل المسلسل روبوتات وشرائح التمرير وتحكموا في الكاميرا عن بعد باستخدام وحدة تحكم (PlayStation).
وضّح “ناثان سمول” أهمية تقنية التحكم بالحركة في تصوير مشاهد دقيقة وسلسة على نطاق صغير، فبفضل هذه التقنية استطاع فريق العمل أن يصوّر حركات دقيقة ومحكمة وسلسة بدرجة كبيرة على مقياس صغير جدًا، وذلك بهدف توفير تجربة غامرة وسينمائية أكثر للمشاهد بفضل حركات الكاميرا التي اعتاد الناس على رؤيتها في الإنتاجات الضخمة، مثل مسلسلات الدراما وأفلام أخرى.
قد تعتقد أنّ من المبالغة القول بأن التطورات التقنية الحديثة هي التي مكنت من إنشاء مسلسل A Real Bug’s Life بصورته النهائية ذات الاحترافية العالية، إلّا أنّه كان من الممكن أن يتم تقديم المسلسل مختلفًا تمامًا لولا التقدم في تصميم عدسات الماكرو وتقنية التحكم بالحركة. وصحيح أن مشاهدة الحشرات في أفلام وثائقية عن الطبيعة ليس أمرًا جديدًا بحد ذاته، لكن “A Real Bug’s Life” يقدم العديد من المشاهد المبتكرة فعلًا.
المسيرة المهنية لمنتج مسلسل A Real Bug’s Life
بدأت مسيرة سمول المهنية كـمصور إعلاني نظرًا لاهتمامه بالجانب الفني أكثر من الجانب العلمي، لكن عندما وصل إلى أوائل الثلاثينيات من العمر، أراد تغييرًا في مسيرته المهنية، الأمر الذي دفعه للحصول على درجة الماجستير في مدرسة السينما والتلفزيون، وهو عبارة عن برنامج ماجستير مدته عامين يركز بشكل خاص على الوثائقيات.
يظهر ناثان سمول -مدير التصوير- في هذه الصورة وهو يصوّر لقطات مقربة لِفراخ بومة في صندوق عش مُصمم خصيصًا لهم، قام بوضع الفراخ داخل العش لعدة دقائق خلال تصوير حلقة “A Real Bug’s Life” في مزرعة ماكونيل، مونماوث، مونماوثشاير، ويلز، في المملكة المتحدة.
وأثناء قيامه ببعض الدورات وعده أستاذه بأن يوظفه عند انتهائه منها، وقد وفى بوعده، وأمّن له وظيفة في برنامج تلفزيوني بعنوان (Tiny World) تابع لشبكة (Apple). كانت تلك أولى وظائف سمول في التلفزيون، ثم انتقل منها إلى برنامج آخر مع مرشده، وهو (Planet Insect) التابع لشبكة (Curiosity Stream). وعند انتهاء ذلك الإنتاج، عُرض على سمول العمل على مسلسل “A Real Bug’s Life”.
قال سمول مبينًا أهمية تدرجه الوظيفي: “كانت هذه بمثابة ثلاث خطوات صغيرة متتالية، مع كل خطوة ارتقيت فيها من باحث إلى مساعد منتج إلى منتج، إضافة إلى التصوير لعدة أشخاص، وحلقات مختلفة على طول الطريق، وهذا يقودنا إلى الوقت الحالي، فمسلسل “A Real Bug’s Life” هو أول عمل لي كمُنتج. وهذا المسلسل مهم جدًا بالنسبة لي، لهذا أنا حريص جدًا على أن يراه الناس”.
صياغة سيناريو مرن قابل للارتجال
يُقال إنّ التصوير في الطبيعة يتطلب مرونةً وتكيفًا أكثر من الأعمال التمثيلية، وذلك ناتج عن سلوكيات الحيوانات غير المتوقعة، فعند تصوير وثائقي عن الطبيعة، من الصعب أن يعتمد فريق العمل على تخطيط وتحضير مسبقين، فالحشرات لا تلتزم بالسيناريوهات ولا يمكن تدريبها على طريقة معيّنة لإخراج العمل، وهذا الأمر يضفي تحديات جوهرية على هذا النوع من التصوير.
ومع ذلك، لإنشاء منتج وثائقي مشوق عن الحياة البرية، فإنّ من الضروري وجود سرد شامل وقصة مترابطة تسمح للمشاهدين بالانغماس فيها. ففي مسلسل مثل “A Real Bug’s Life” يتم البدء أولاً بالتخطيط الشامل. وينبثق التخطيط عن فكرة محددة عن السلوك المراد توثيقه أو القصة التي ستتم روايتها، ثم يتم البدء بالتصوير وفقًا لسيناريو يمكن تغييره باستمرار بالاعتماد على ما يحدث خلال مرحلة التصوير الفعلي.
تُظهر هذه الصورة حشرة الدودل وهي جاثمة على غصن مغطى بالأشنة في حلقة “The Busy Farm”.
يخبر سمول: “نذهب إلى موقع التصوير بفكرة ومخطط لما نريد تحقيقه، ولكن ينبغي في الوقت نفسه أن نكون مرنين جدًا ونستجيب لما يحدث فعليًا”، هذا يعني أنّه بمجرّد ظهور أي سلوك مذهل غير متوقع وليس مدرجًا في السيناريو، سيقوم المصورون بتصويره وإيجاد طريقة لربطه بالقصة المبنية فعلًا.
بالصورة أعلاه يمكن رؤية نحلة الأوركيد أثناء طيرانها في حلقة “أهلًا بكم في الغابة”.
بالتأكيد لا يمكن اعتبار الأمر مجرد تصوير عشوائي لمجموعة من الكائنات ودمجها في مرحلة المونتاج، بل هي عملية مخطط لها بعناية؛ لأن جميع الشخصيات – أي الحشرات – يجب أن تتفاعل، كما ينبغي أن تتمازج جميع العناصر في البيئة وتتكامل مع بعضها البعض. وذلك بالإضافة إلى أهمية توفير مكافأة قيّمة للمشاهد تتمثّل في توليد الشعور بالرضا والإشباع لديه.
يظهر العنكبوت القافز في الصورة وهو يقف على صخرة في حلقة “The Big City”، ثمّ أضاف سمول: “يجب أن يتم التخطيط لهذا الأمر بنفس الطريقة التي لا يُمكن معها أن تذهب إلى تصوير عمل درامي وتقول للممثلين: ‘امضوا ببساطة وافعلوا ما يحلو لكم، لنرى ما سيحدث!”.
نصائح لهواة تصوير الماكرو
يُعتبر مجتمع تصوير الماكرو من أكثر مجتمعات التصوير تماسكًا وترابطًا؛ فعشاق الماكرو، وخاصة أولئك المهتمين بتصوير الحشرات يتسمون بانفتاحهم على تبادل الخبرات والنصائح والوقت مع الآخرين بشكل مستمر.
بالنسبة لمصوري الماكرو من جميع مستويات الخبرة، يعتبر هذا المجتمع مكانًا مثاليًا للاطلاع والتعلم، ومن جهته، يوصي سمول بمتابعة أعمال الأشخاص المبدعين في عملهم، وبعدم التردد في إرسال الرسائل إليهم وطرح الأسئلة كلّما لزم الأمر. أما بالنسبة لصناعة الأفلام، وعلى الرغم من التقنيات المذهلة التي ساعدت في إنتاج مسلسل “A Real Bug’s Life”، إلا أن المبدعين لا ينبغي أن ينغمسوا كثيرا في التكنولوجيا.
هذه الصورة مأخوذة من حلقة “Welcome to the Jungle”، وتظهر فيها نملة قاطعة للأوراق وهي تحمل ورقة كبيرة عليها نملة قاطعة للأوراق أصغر منها حجمًا.
بدأ عرض مسلسل A Real Bug’s Life لأول مرة على ديزني بلس (Disney+) يوم الأربعاء 24/ يناير، وقد تم إنتاجه بالشراكة مع ناشونال جيوغرافيك. وممّا يجدر ذكره أنّ راوية المسلسل هي الممثلة الرائعة أوكوافينا المعروفة بمسلسلها الكوميدي (Awkwafina is Nora From Queens)، وأدوارها في أعمال مثل فيلم (Crazy Rich Asians) وفيلم (Shang-Chi and the Legend of the Ten Rings).
الخلاصة
يعرض مسلسل “A Real Bug’s Life” رحلة غامرة إلى عالم الحشرات المدهش، مستخدمًا تقنيات تصوير حديثة تُقدم لنا معلومات علمية ثرية وسلوكيات مثيرة للاهتمام لمختلف أنواع الحشرات. ويواجه فريق العمل تحديات كبيرة في التصوير بسبب سلوكيات الحشرات غير المتوقعة، مما يتطلب منهم كتابة سيناريو مرن قابل للتعديل حسب الظروف.