رواية القصة من خلال التحكم في الإضاءة والظل في فيلم العراب
لا يختلف شخصان على ان فيلم العراب واحد من افضل الافلام التي تم صناعتها على الاطلاق ” ان لم يكن الافضل ” وذلك لانه يعطي المشاهد وجبة دسمة من جميع النواحي الفنية واهمها فن رواية القصة، سنسلط الضوء اليوم على احد الاساليب التي انتهجها صناع فيلم العراب لرواية القصة بشكل افضل عن طريق التحكم في الإضاءة والظل .. دعونا نتعرف على المزيد من التفاصيل.
قبل مدة قصيرة حصل جدال كبير على موقع تويتر من بعض الاشخاص الذين ادعوا ان الاضاءة في فيلم العراب غير كافية ” Under Exposed ” في بعض المشاهد وان مكان وضع الاضاءة غير دقيق وذلك بسبب الظلال القوية على العينين.
لذلك كان من الواجب استغلال هذه الضجة والحديث عن سبب الاعتماد على هذا النوع من الاضاءة حتى لو كانت غير محببة من البعض، إدراك أوضاع الاضاءة سيساعدك على رواية القصة بشكل أفضل وعلى تقديم شخصيات بشكل أفضل، توجيه الضوء هو مفهوم من المهم جداً فهمه وهو أساساً يشير الى مكان وجود الضوء بالنسبة إلى الموضوع او الشخصية، ووفق المستوى التقني هو أمر بسيط ويشمل وضع الضوء أمام أو خلف أو فوق أو تحت أو إلى جانب الموضوع.
ومع هذا، فالأمر يصبح أكثر تعقيد وإثارة عندما تضع في نظرك تأثير الإضاءة والظل التي ستؤثر على المعنى الدرامي من وجهة نظر المشاهدين، الآن سنستعرض بشكل سريع أوضاع الإضاءة السبعة الأساسية الشائعة الاستخدام في صناعة الافلام والتي عادة ما يتم توظيفها لرواية القصة واستخدمت بشكل واضح في فيلم العراب.
وضعيات الإضاءة الشائعة في صناعة الأفلام
- الضوء الأمامي
- ضوء سفلي
- الضوء العلوي
- ضوء بزاوية 45 درجة
- الضوء من الجانب
- ضوء من الحافة
- الضوء الخلفي
كل من اتجاهات الضوء هذه تنتج ظلال يمكن أن يكون لها مجموعة واسعة من التأثيرات ليس فقط على الاشخاص ولكن على نظرة جمهورك لها ايضاً، على سبيل المثال الضوء العلوي أو الذي ينتج عند وضع الإضاءة مباشرة فوق الشخص غالباً يستخدم من أجل إخفاء وجه شخص ما وخاصةً الاعين ولهذا دلالة درامية على الغموض في الشخصية.
توظيف الإضاءة والظل في فيلم العراب
قام كل من المخرج فرانسيس فورد كوبولا ومدير التصوير Gordon Willis بتوظيف الاإضاءة والظلال في فيلم The Godfather لإعطاء شخصية الدون كورليوني والشخصيات الأخرى منظر غامض غير مريح، تزيد قوة هذه الظلال تحديداً لشخصية مايكل كورليوني مع تسارع الاحداث وكلما انحدر اكثر الى عالم الجريمة.
كان اختيار هذا النوع من الإضاءة المنخفضة Low Key خيارًا جيدًا لفيلم من هذا النوع وغالبًا ما يستخدم لأفلام العصابات لأنه يصور جوًا من القسوة والخطورة، تتمثل إحدى مزايا استخدام هذا النوع من الإضاءة في أنه بسبب الظلام والظلال يجب بذل جهد أقل في اضاءة تفاصيل الخلفية، ولكن اذا تم استخدام ستايل إضاءة مختلف فقد لا يكون للفيلم نفس التأثير ولن تحصل الشخصيات على هذا المظهر الشرير.
البعض اعتبر ان الاعتماد على الضوء العلوي كان خطأ وذلك لانها انتجت ظلال عميقة لا تخفي فقط الكثير من تعابير الوجع والعينين التي يسعى المشاهدون الى التركيز عليها وانما اخفت تفاصيل اخرى من المشهد على عكس تقنيات الإضاءة الاخرى المتعارف عليها، ولكن عند مراجعة الكثير من اللقطات نجد ان الاضاءة فيها محفزة بشكل كبير من موقع التصوير مع تعزيزها باضاءة مكملة وهي قاعدة معروفة في عالم التصوير السينمائي.
المخرج بول توماس اندرسون Paul Tomas Anderson ومدير التصوير Mihai Malaimare Jr قاما بتوظيف الإضاءة والظل ايضاً في فيلم The Master لاضافة بعض الغموض للشخصيات وايضاً للحصول على مظهر سينمائي اقوى خاصة انهم قاموا بتصوير العمل يباستخدام فيلم النيجاتف.
على أيّة حال هذه ليست قواعد صارمة ولكن يمكن اعتبارها كمرجع للحصول على مظهر سينمائي مشابه يخاطب اللاوعي للمشاهدين، مثلاُ معظم الناس يظنون أنَّ الإضاءة من الاسفل تجعل الوجوه تبدو مخيفة لكن إن قمت بإضافة وحدات اضاءة أخرى الى المشهد مثل الألوان او زاوية الكاميرا او الملابس يمكنك الحصول على تأثيرات تجعل سردك للقصة أكثر حيوية وتعقيد.
